قصص الانبياء قصة هود عليه السلام
قصص الانبياء قصة هود عليه السلام
قصة هود عليه السلام -
عاش نبي الله نوح - عليه السلام - بعد الطوفان قليلا ، وتكاثر الخلق وتفرقوا في البلاد ، واختار كل جماعة مكاناً يسكنون فيه .
وهناك بين ( عُمان ) ، و ( حضرموت ) اختار [عاد ] هذه البقعة ، وكانت تسمى بالأحقاف وهي جبال الرمل باليمن ، وكانت مطلة على البحر ، سكن فيها هو وأولاده ، وكانت أجسادهم طويلة وعظيمة ، وبنى هو وأولاده مدينة عظيمة ذات أعمدة ضخمة سموها [ إرم ] وهي مدينة لم يخلق مثلها في البلاد ، فكانت بلادهم بلاد بساتين وزروع وحضارة ، وكانت عقولهم قوية مفكرة ، فجمعوا بين القوة والعلم . وبدلا من أن يشكروا الله على هذه النعم كفروا بالله تعالى وأفسدوا في الأرض ، وعبدوا ثلاثة أصنام من دون الله - عز وجل - ، وكانوا أول من عبد الأصنام بعد الطوفان .
فبعث الله فيهم أخاهم هود - عليه السلام - ، وكان عظيم الجسد قوي مثلهم ، وكان من أوسطهم نسبا وأكرمهم بيتا ، فدعاهم إلى عبادة الله ، وترك عبادة الأصنام ، ونهاهم عن الظلم ، والبطش ، والطغيان . فقالوا : من أشد منا قوة؟
كفر قوم هود عليه السلام
ونسوا أن الله تعالى الذي خلقهم هو أشد منهم قوة، وقالوا لهوډ - عليه السلام - : إنا لنراك في سفاهة وضعف عقل ، وإنا لنظنك من الكاذبين ، فقال لهم هود : يا قوم ليس بي سفاهة ، وكيف أكون كذلك وأنا رسول رب العالمين ، جئتكم لأبلغكم ما كُلفت به من رسالات ربي ، وأنا لكم ناصح في دعوتي أمين على تبليغ الرسالة ، وبدأ يذكرهم بنعم الله تعالى عليهم ، ويخوفهم من عذاب الله وغضبه ، وبما حدث لقوم نوح من قبل ، فقال : واذكروا إذ جعلكم خلفاء قوم نوح ، وجعلكم ورثته وزادكم بسطة في أجسامكم وقوة في أبدانكم ، فاذكروا آلاء الله واشكروه واعبدوه وحده لعلكم تفلحون.
حاول معهم هود - عليه السلام - كثيرا ، أمرهم بعبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام والأوثان ، فقالوا : يا هود ما جئتنا بحجة قوية تدل على أنك رسول من الله ، وما نحن بتاركي آلهتنا التي نعبدها ، وما نحن لك بمؤمنين ومصدقين برسالتك ، وهكذا تحدوا هود - عليه السلام - وطلبوا منه نزول العذاب ، فقالوا : فاءتنا بما تعدنا من العذاب إن كنت من الصادقين في دعواك ، وكان هذا منتهی التحدي والغرور.
بداية العذاب قوم هود عليه السلام
ظل قوم هود على هذه الحال ، ودام عنادهم حتى حقت عليهم الكلمة وحل بهم ما استعجلوه وأنكروه ، فأمسكت السماء عن المطر، وجفت الضروع، وأجدبت الأرض ثلاث سنوات كاملة ، حتى أوشكوا على الهلاك ، ولم يؤمنوا وظلوا على عنادهم ، فأرسلوا وفدا إلى الحرم ليطلبوا المطر من الله ، فقام زعيم القوم وهو ( قيل بن عنزة) فدعا الله ، فرأى ثلاث سحابات ، بيضاء ، وحمراء، وسوداء ، ونادى منادٍ من السماء : اختر لقومك سحابة ، ومن جهله اختار السحابة السوداء ظنا منـه أن فيـها الخير والمطر الكثير ، وسـاق الله هذه السحابة إلى مدينة [ إرم ]، وظن قوم عاد أن هذه السحابة فيها المطر وقالوا : هذا عارض ممطرنا، وأوحي إلى هود - عليه السلام - أن هذا هو العذاب ، فقال : بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب مؤلم للغاية ، وخرجت ریځ شديدة من هذه السحابة ، إنها ریځ عقيم، أي ريح لا مطر فيها ، كالمرأة التي لا تلد، لقد خرجت الريح من السحابة على هيئة الحلقة ، وهي الريح الصرصر؛ لتصبح عذاباً أليماً ، تدمر كل شيء أتت عليه وتهلکه بإذن ربها وأمره ، واستمرت هذه الريح سبع ليال وثمانية أيام حسوماً لا خير فيها ، فترى القوم بعدها صرعی كأنهم أعجاز نخل خاوية ، فأصبحوا بعد هذا لا يرى من آثارهم إلا مساكنهم .
وكان الرجل إذا اختبأ في كهف من الكهوف تخرج الريح وراءه ، فتدخل إلى الكهف فتقتله ، وراحت هذه الريځ تدمر البيوت بأمر ربها .
مات كل الكفار فصاروا جميعا مثل جذوع النخل بلا رؤوس ، أما هود - عليه السلام - ، فلقد أمره الله تعالى أن يدخل إلى حظيرة هو ومن معه من المؤمنين ، فكانت الريح إذا دخلت عليهم تلين جلودهم ويفرحون بها ، وبعد هلاك عاد خرج هود ومن آمن معه ، ليعيش بعد ذلك عمراً طويلا ثم مات ودفن في حضرموت .
فوائد القصة
(1) عدم الاغترار بالقوة التي يمنحها الله للإنسان .
(۲) شكر الله على نعمة الصحة والعافية يكون بتسخيرها في طاعة الله ومرضاته
(3) عدم الدعاء على النفس بالعذاب .
(4) الله يحفظ عباده المؤمنين وينجيهم من کید الكافرين .
(5) الشرك سبب شقاء الإنسان في الدنيا والآخرة .