-قصة صالح -عليه السلام
قصة صالح - عليه السلام - من قصص الانبياء
كانت قبيله ثمود تسكن في منطقة تسمى ( الحجر)، وكانت هذه المنطقة تقع بين المدينة المنورة التي أنارت ببعثة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم – وبين منطقة تسمى تبوك ، وكانت هذه القبيلة من قبائل العرب البائدة من ولد سام بن نوح ، وقد كانوا خلفاء لقوم عاد بعد أن أهلكهم الله فورثوا أرضهم وديارهم ، وكانوا يسكنون في وادي كله خير وبركة ، وزروع وبساتين فيها عيون يجرى منها الماء العذب ، وبها نخيل فيه ثمار طيبة ، وأعطاهم الله قوة عظيمة في أجسادهم ، فكانوا ينحتون من الجبال بيوتنا ، وكان الواحد منهم من شدة قوته ينحت الصخرة العظيمة ويبني منها بيتا .
ومع هذه النعم العظيمة الوفيرة التي أنعم الله بها عليهم ، بدلاً من أن يقابلوا النعمة بشكر الله الذي أنعم عليهم بهذه النعم الكثيرة ، قابلوا هذه النعمة بالكفر بالله وعبادة الأصنام والإفساد في الأرض ، فبعث الله فيهم نبيه صالحا - عليه السلام - وكانت رسالته لهم ترك عبادة الأصنام، وعبادة الله وحده لا شريك له ، وعدم الإفساد في الأرض.
صالح -عليه السلام- ينصح قومه
خرج نبي الله صالح إلى مجالس قومه يذكرهم بالله وينصح لهم قائلا : يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله خلقكم ورزقكم غيره ، فردوا عليه في سفاهة وجهل قائلين : أتنهانا عن عبادة ما يعبده آباؤنا وإنا يا صالح لفي شكٍ مما تدعونا إليه من عبادة الله وحده ، حقا إننا لفي شك وسوء ظن منك.
حاول صالح أن يذكرهم بنعم الله عليهم فقال لهم : واذكروا نعم الله عليكم إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم عاد في الحضارة والعمران وأورثكم أرضهم وديارهم وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا زاهية، وتنحتون من الجبال بيوتا عالية ، فاذكروا آلاء الله ونعمه الجليلة عليكم ، واعبدوه حق العبادة ، ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها .
فما آمن لنبي الله صالح إلا الضعفاء من قومه ، وأمعن صالح في دعوة قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له، فبدأوا يسخرون منه ويستهزئون به ، وقالوا له : لقد كنا نحبك ونحترمك لعلمك وعقلك وكنا نصدقك ، لكن خاب أملنا فيك وأصبحت مجنونا ، وقالوا لمن آمن لصالح : إن صالحا أصيب بالسحر والجنون .
الناقة تخرج من الصخرة
اجتمع قومه في مجالسهم ، فذهب إليهم نبي الله صالح ووعظهم وذكرهم بالله كعادته ، فقالوا له : يا صالح لن نؤمن لك حتى تخرج لنا من هذه الصخرة ناقة عظيمة وجميلة ، وتكون طويلة وعشراء ، فإذا فعلت ذلك فسوف نؤمن بالله وحده .
ودعا صالح ربه – سبحانه وتعالى - وسأله أن يخرج من هذه الصخرة التي أشاروا إليها ناقة عظيمة تكون آية ومعجزة دالة على صدقه ، وفجأة ... إذا بالصخرة تنشق فتخرج منها ناقة عشراء ، ثم رآها الجميع وهي تلد صغيراً لها .
فلما رأى قومه هذه المعجزة العظيمة أسلم منهم عدد قليل ، وبقى الآخرون على كفرهم وعنادهم ، فقال لهم نبي الله صالح : هذه ناقه الله لها شرب في يوم ، وأنتم تشربون في اليوم الثاني ، وطالبهم بأنهم لا يمسوها بسوء ، وحذرهم أنهم إن تعرضوا لها فسوف ينزل بهم العذاب الشديد ، كانت هذه الناقه تشرب الماء كله في يوم هي وولدها فيشربون هم من لبنها في اليوم الذي تشرب فيه ، ويشربون في اليوم الثاني من الماء ، وتأتي الناقة في اليوم الذي بعده فتقف على البئر فيرتفع الماء فيه فتشربه ، وكانت ثمود ترى العجب من هذه الناقة ووليدها ، وكان الأفضل لثمود أن يؤمنوا بهذه الآية الواضحة والمعجزة العظيمة ، ولكنهم أصروا على الكفر والعناد وعبادة الأصنام.
المفسدون يقتلون الناقة
وكان في هذه القرية تسعة رجال هم أكثر أهل هذه القرية فسادا وإجراما، وكان من بين هؤلاء التسعة المجرمين رجلان في غاية الفساد والكفر ، الأول : هو قدار بن سالف ، يقال إنه ابن زنا ، وكان هناك امرأة عجور كافرة تسمى أم غنمه ، وكانت تكره صالحا - عليه السلام - ، وتكره الناقة وولدها ، فعرضت هذه المرأة الكافرة بناتها الأربع على قدار بن سالف ، ووعدته أن بناتها الأربع له إن عقر الناقة وقتل ولدها ، والرجل الآخر يسمى مصرع بن مهرج ، وكان له ابنه عم تسمى صدوق ، وكانت ذات حسب و نسب ومال كثير ، عرضت عليه نفسها إن هو عقر الناقة ، فاجتمع المفسدون التسعة واتفقوا على قتل الناقة وقتل صالح - عليه السلام - ، وذات يوم أخذ قدار بن سالف سهماً ورماها به فوقعت ، واجتمع المفسدون الثمانية وقتلوا الناقة ، وقتلوا ولدها ، وقيل : إن ولدها صرخ صرخة عظيمة ثم دخل في صخرة وغاب فيها .. وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا به من العذاب إن كنت رسولاً من عند الله ، وتدعي أن وعيدك تبليغ عنه ، إن كان هذا صحيحا فعجل ذلك لنا !!
نزول العذاب بثمود
وفي المساء هَم هؤلاء القتلة الذين قتلوا الناقة وولدها ، و هموا بقتل صالح في داره ، فأرسل الله عليهم حجارة قتلتهم و قبل قومهم ، وأوحى الله إلى صالح - عليه السلام - أن العذاب سوف يأتيهم بعد ثلاثة أيام .
وبدأت علامات العذاب تظهر عليهم ، فاصفرت وجوههم في اليوم الأول ، ثم احمرت في اليوم الثاني ، ثم اسودت في اليوم الثالث ، فتيقنوا بالعذاب ، فلبشوا الأكفان وانتظروا العذاب ، فجاءت صيحة من السماء شديدة القوة فقطعت قلوبهم حتى ماتوا جميعا، وأصبحوا في ديارهم جثثا هامدة لا حراك بها.
ونجا نبي الله صالح ومن آمن معه ، وسكنوا في بلاد الشام حتى توفى الله - عز وجل - نبيه صالحا - عليه السلام -.
فوائد القصة
(1) العبادة لا تكون إلا الله وحده .
(3) الاعتراض على أمر الله وأمر الرسل سبب في الكفر .
(4) لا يغتر الإنسان بماله وقوته .