السّندباد البرّي
السّندباد البرّي قصّة مُغنّاةٌ تصلح أن تُلحّن و تصبح أغنيةً: في زمن الخليفة الرشيدِ في بغدادْ كان يعيش السندباد البَرِّي مهنتُه حَمّالْ وهو فقير الحالْ وذاتَ يوم في اشتداد الحرِّ أنزل حملهُ أمام قصر رائع كبيرْ من أبدع القصور وراح ينظر الحمال في إعجابْ وهْو أمام البابْ مستلقياً في الظلِّ متكئاً على مَتاع الحَمْلِ حيث تهبُّ النسمةُ العليلة وترقص المشاتل الظليلهْ وتعبَقُ الزهورْ بأطيب العطورْ نام قليلاً ثم استيقظ المسكينْ وقلبُهُ حزين لأنه فقيرْ ليس لديه غيرُ كوخ بائسٍ من طينْ وفجأةً ناداه صوت ناعم رقيقْ تعال هيّا أيها الصديقْ فوجئَ من هذا الكلامِ السندباد البري إذْ كيف يدعوه الفتى من دون أن يعرفهُ وكيف يدعو صاحبُ القصرِ امرأً فقيرْ ودخل الحمال ذاك القصرَ في خجلْ وفتح العينين في عجبْ لشجر الليمون والتفاحِ والإجَّاص والعنبْ أما عن الورودْ فهي صنوف تأخذ العقولَ من كَثْرتها وجودةِ التَّنْضيدْ إنتشرت مساكباً على الجنبينْ في وسط الساحة عينْ تفجرّت بالماء ْ في شكل نافورهْ تكاد أنْ تطاولَ السماءْ لكنها تعود منثورهْ وسمع الحمال من بعيدْ مغنياً .. وصوتَ عودْ وقاده الفتى إلى إيوانْ لم يَرَ قبلُ مثله إنسانْ وكان مجلس الإيوان عامراً بالناسْ فقطع الأنفاسْ خشيةَ أن يكون قد أزعجَهم لكنهم تصايحوا بهِ : تفضلْ أتدري أنت هنا في قصر السندباد البحري ثم دنا البحريُّ قائلاً هَلا هَلا بالضيف فصرخ الحمالُ أنت السندباد البحري أجابه ُ نعم نعم وهل عجيب أمري قال له الحمالُ أنت سيدُ العجائبْ وصانع الأحلام والغرائبْ دعْني أُقبّلْ جبهتَكْ وجُبَّتكْ وضحك الجميعُ ثم غنوا طربا وأسمعوا من النكات العجبا وأكلوا وشربوا وبعد ذاك ذهبوا وقد أقام السندباد البرِّي ضيفاً عزيزاً في رحاب السندباد البحري ووعد الحمالَ أن يقصَّ عن سفراتِهِ وما جرى له من خطرٍ أَحْدقَ في حياتِهِ وفي صباح الغدِ كان الجمع حاشدا والكل منصتونْ ليعرفوا قصَّته المليئة الأحداثِ بالأخطار والترحالِ والعزمِ الذي يقوى ولا يلينْ وهكذا عرفنا قصةً تظل للأجيالِ عن رجل حياتُهُ من سير الأبطالِ