قصة يوسف - عليه السلام - مبسطة للاطفال
نبذه - مقدمة بسيطة : عن يعقوب عليه السلام
كان لنبي الله إبراهيم - عليه السلام - ولدان (إسماعيل وإسحاق) ، جاء من نسل وذرية إسماعيل رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وتزوج نبي الله إسحاق ورزقه الله بنبي الله يعقوب .
وتزوج نبي الله يعقوب - عليه السلام - فأنجب اثنى عشر ولدا ، كان أصغرهم يوسف - عليه السلام - ، وبنيامين ، وكان يعقوب يعطف على يوسف وبنيامين ؛ لأنها أصغر أبنائه ، وكان يعقوب يشعر أن يوسف سوف يكو له شأن عظيم .
الشمس والقمر يسجدان وفي يوم من الأيام رأى يوسف وهو طفل صغير رؤيا عظيمة ، رأى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر ساجدين له سجود خضوع وانقياد .
قال يوسف لأبيه : يا أبتي إني رأيت في منامي أحد عشر كوكبا ، والشمس والقمر رأيتهم جميعا لي ساجدين سجود انحناء وخضوع ، وفهم يعقوب أنها رؤيا عظيمة ، فنصح ولده يوسف بأن يكتم هذه الرؤيا ولا يحكيها لإخوته ؛ لأن يعقوب كان يشعر أن إخوة يوسف يحقدون عليه ، وذات يوم اجتمع إخوة يوسف العشره وقالوا : إن أبانا نجح يوسف وبنيامين أكثر منا ونحن له غصبة قوية تقوم له بكل ما يحتاج إليه ، وهذا ليس فيه عدل في الحب ، فتشاوروا في قتل يوسف أو إبعاده إلى أرض أخرى غير التي يعيشون فيها، حتى يصبح قلب أبيهم خاليا من حب يوسف ويحبهم هم وينساه .
قال أخوهم الأكبر : لا تقتلوا يوسف وألقوه في بئر فيأخذه بعض المارة المسافرين الذين يسيرون في الأرض للتجارة ، واتفقوا على رميه في بئر ، فلا رموه جاء بعض المسافرين إلى البئر ليأخذوا منه الماء ، فتعلق يوسف في الحبل ثم أخذوه وباعوه بثمن بسيط جدا ، دراهم معدودة ، يريدون الخلاص منه .
الذئب لم يأكله يوسف
أما إخوة يوسف فقاموا بذبح شاة صغيرة ، ووضعوا دماءها على قميص يوسف - عليه السلام - ثم عادوا إلى أبيهم وهم يبكون ويقولون : يا أبانا إنا ذهبنا نتسابق في الرمي والجري وتركنا أخانا يوسف عند متاعنا يحرسه لنا، فأكله الذئب ، قال يعقوب : ما أحلمك يا ذئب تأكل ابني ولا تشق قميصه !! ثم قال : بل زینت وسهلت لكم أنفسكم أمرا ، ففعلتم فعلا قبيحا منكرا في يوسف ، وأنا سوف أصبر صبرا جميلا لا يأس فيه ، والله هو المستعان على ما تصفون ، ولم يكن هناك شيء عند يعقوب إلا الصبر على قضاء الله وقدره ، وحزن حزنا شديدا على فراق ولده الحبيب الصغير .
يوسف في مصر والابتلاء والامتحان العظيم
لقد أصبح يوسف عبداً وأسيرا بعد أن اشتراه كبير وزراء مصر بدراهم معدودةٍ من التجار المسافرين الذين وجدوه في البئر .
وأوصى عزیز مصر زوجته أن تعتني بيوسف الصغير لعله يعوضه حرمانه من الأطفال ، واعتنت زوجه العزيز بيوسف ، ثم كبر أمام عينها فأحبته وعشقته ، وراودته عن نفسه ، لأجل أن يريد منها ما تريد هي منه ، وسول لها الشيطان أن تنفذ ما تريده منه ، وأعدت العدة لكي ترتكب أمرا محرما، وغلقت باب غرفتها لتأمن الطارق والزائر، وقالت ليوسف : هلم أقبل ونفذ ما أريده منك ، وأرادت شرا بيوسف فجرى أمامها وهي تجري خلفه حتى قطعت قميصه، وهو يجري هربا منها ويقول لها: إن زوجك سيدي وقد أحسن مثواي وأكرم وفادتي واستأمنني على نفسه وبيته فكيف أخونه ، حتى وصل إلى الباب ، فإذا بزوجها العزيز أمام الباب ومعه ابن عم زوجته ، فأسرعت تكذب وتقول : يوسف هو الذي أراد بي شرا وسوءا ، فقال ابن عمها : ننظر إلى قميص يوسف لو كان مقطوعا من الأمام فأنت صادقة ، وإن كان مقطوعا من الخلف فأنت كاذبة وهو الصادق ، ورأى الجميع صدق يوسف ، ونجاه الله تعالى .
يوسف - عليه السلام - في السجن
انتشرت الشائعات بين الناس حول ما حدث ليوسف مع زوجة العزيز ، وزاد الأمر عندما جمعت زوجة العزيز النساء ودبرت ليوسف مؤامرة ثانية ، فخاف الرجال على نسائهم من يوسف ، وكان هؤلاء الرجال من الوزراء ورؤساء الدولة ، فقرروا أن يضعوا يوسف في السجن ، ودخل يوسف - عليه السلام - السجن ، وكان كثير العبادة والطاعة لله - سبحانه وتعالى -.
ودخل معه السجن رجلان ، قيل : إن أحدهما كان ساقي الملك ، والثاني خباز الملك ، ورأى كل واحد منهما رؤيا ، وحكاها ليوسف - عليه السلام - ، ففسر لكل واحد رؤيته ، وقال لرجل من الرجلين : عندما تخرج من السجن قل للملك : إن في السجن رجلا مظلوما اسمه يوسف ، وحدثه عن خبري وحالي ، فأنسى الشيطان هذا الرجل أن يذكر يوسف عند الملك ، فظل يوسف في السجن فترة طويلة حتى أذن الله له بالخروج والبراءة .
سبع بقرات ضعاف تأكل سبع بقرات سمان
رأي ملك مصر في نومه رؤيا عظيمة ومخيفة، رأى في نومه أن سبع بقرات سان يخرجن من نهر النيل، ثم تأتي سبع بقرات ضعاف وهزال فيأكلن هذه البقرات السمان ، ثم رأى سبع سنبلات خضر، وسبع سنبلات يابسات ، واستيقظ الملك من نومه فزعا خائفا ، فقص هذه الرؤيا على الوزراء وكبار الدولة ، وقال لهم : فسروا لي هذه ، قالوا له : إنها مجرد أفكار و وساوس ، فتذكر الرجل الذي كان مع يوسف في السجن وقد فسر له يوسف رؤياه قبل ذلك ،
فذهب هذا الرجل إلى الملك وقال له : إني أعرف من يفسر في هذه الرؤيا تفسيرا صحيحا ، قال له الملك : من هو ؟ قال : فتى في السجن مظلوم اسمه يوسف .
فقال له الملك : اذهب إليه وأحضره لي .
فذهب هذا الرجل إلى يوسف في السجن وقص عليه القصة ففسرها له قائلا : تزرعون سبع سنين متواصلات ، ثم يأتي سبع سنين فيهن جفاف لا مطر فيهن ولا زرع ، ثم يأتي عام فيه مطر ، فتزرعون فيه وتأكل البهائم فتحلبونها، وتشربون من لبنها ، وفرح الملك فرحا شديدا ، وقال : ائتوني بيوسف ، فذهب الرجل إلى يوسف في السجن مرة أخرى لكي يخرجوه من السجن.
فرفض أن يخرج من السجن حتى يعرف الناس براءته، وقال للرجل : ارجع للملك فاسأله عن تهمتي ، وعن النساء ، فأنا ملوث بتهمة باطلة لا تليق بي ، وإني برئ منها براءة الذئب من دمي ، اسأل الملك أن يحقق في قضيتي قبل أن أحضر إليه ، فجمع الملك النساء فقال : ما فعل يوسف بك ؟ قلن : حاش لله ما علمنا عليه سوءا ، إنه برئ من كل ما نسب إليه ، فهو الكامل في عفته وطهارته وأمانته .
وقالت امرأة العزيز : الآن ظهر الحق ، يوسف بريء وأنا ظالمة ، لكنها النفس الأمارة بالسوء، وخرج يوسف من السجن بريئا ، وعرف كل الناس براءته ، فقال له الملك : إنك اليوم لدينا مكين أمين فاختر ما شئت ، فأنت من الآن صاحب التصريف بغير منازع في أمر المملكة.
فقال يوسف : اجعلني على خزائن مصر الخاصة بك فإني سوف أكون حفيظا عليها وأمينا ، وسوف أتصرف في الأقوات والزرع لأنقذ البلاد من شر المجاعة المقبلة التي رأيت رؤياها بالأمس .
يوسف يعرف إخوته
حدثت المجاعة التي أخبر بها يوسف عندما فسير الرؤيا و للملك ، وأصابت المجاعة مصر والشام والمناطق المجاورة حتى أصابت المجاعة إخوة يوسف ، فجاءت القوافل من كل مكاني لملك مصر يريدون الطعام ؛ لأنه أعطى أوامر بتخزين الطعام للتصدي لهذه المجاعة ، وجاء إخوة يوسف ومعهم بعض البضاعة ليستبدلوها بطعام، ودخلوا على یوسف عزیز مصر فلم يعرفوه وهو قد عرفهم ، فتودد إليهم حتى يعرف أخبار أبيه وأمه ، وأخيه بنیامین ، فحدثوه عن أخيهم الذي ضاع وهو يوسف - عليه السلام - والأخ الثاني الذي بقي في الشام مع أبيه يعقوب ، فقال يوسف : لن أعطي لكم طعاما حتى تأتوني بأخيكم هذا ، وأمر جنوده أن يعيدوا لهم بضاعتهم دون أن يشعروا حتى يعودوا إليه مرة أخرى .
فعاد إخوة يوسف إلى أبيهم يقولون : يا أبانا منع العزيز عنا الطعام إلا أن نعود إليه بأخينا بنيامين ، فقال لهم أبوهم يعقوب - عليه السلام - : كيف أستأمنكم عليه ، وقد ضیعتم أخاه يوسف من قبل ، وفتحوا أمتعتهم فوجدوا بضاعتهم قد عادت إليهم ، فقالوا : يا أبانا هذه علامة صدقنا ، وأقسموا بالله لأبيهم يعقوب أن يحافظوا على بنيامين إلا أن يقدر الله أما آخر ، وسافر بنيامين إلى مصر مع إخوته لتحدث المفاجأة .
يوسف يأخذ أخاه بنيامين معه
جاء بنيامين مع إخوته إلى مصر ودخلوا على يوسف ، ودبر يوسف حيلة لإخوته حتى يأخذ أخاه بنيامين معه ، فأمر الجنود أن يضعوا الإناء الذي يكيلون به الطعام في متاع بنیامین ، ثم نادي المنادي : إن إناء الملك الذي نکیل به الطعام قد سرق .
قال إخوة يوسف : نحن أبناء نبي فكيف نسرق ، ففتش الجنود الأمتعة فوجدوا الإناء في متاع بنيامين ، فحاول إخوة يوسف مع يوسف لكي يأخذ واحدا منهم ويترك بنيامين ، فقال يوسف : لن نأخذ إلا من وجدناه سارقا ؛ لأننا إذا أخذنا غيره کنا ظالمين ، وحاش لله أن تتجاوز حدود الشرع .
وعاد الإخوة إلى يعقوب الذي فقد بصره حزنا على يوسف الذي أضاعه إخوته من قبل ، ثم قال لأولاده : اذهبوا وابحثوا عن يوسف إني أشعر أنه موجود وما زال حيا.
الحقيقة الكبيرة ورفع الوالدين على العرش
رجع إخوة يوسف ليوسف مرة ثالثة ومعهم بضاعة قليلة وغير ناضجة وطازجة ، فلما دخلوا عليه تولوا إليه أن يتصدق عليهم ، ويعطيهم طعاما ، فقال لهم يوسف :
هل تتذكرون ما فعلتم بيوسف وأخيه من قبل وأنتم جاهلون ، وهنا تأكد الإخوة أن الذي يكلمهم هو يوسف ، فقالوا : أنت يوسف ، قال : نعم أنا يوسف وهذا أخي قد منً الله علينا ؛ لأننا اتقينا الله وصبرنا.
قالوا : والله لقد فضلك الله علينا ولقد أخطأنا في حق الله وفي حق أبوينا، وكذلك في حقك يا يوسف ، فرد عليهم الكريم بن الكريم بين الكريم بين الكريم يوسف - عليه السلام - : سامحكم الله وغفر لي ولكم.
ثم قال لهم : خذوا قميصي هذا واجعلوه على وجه أبي يعود له بصره ، وأحضروا أهلكم جميعا إلى مصر .
فلما تحركت القافلة من مصر قال يعقوب - عليه السلام - وهو النبي الصادق : إني لأشم رائحة يوسف ، ووصل ابنه الذي يحمل القميص ، فألقاه على وجه أبيه فعاد إليه بصره، ثم طلب منه أبناؤه أن يستغفر لهم فعلهم وخطأهم الذي فعلوه في حق أبيهم يعقوب وحق أخيهم يوسف فقد تابوا وأنابوا ، فقال يعقوب : سوف أستغفر لكم ربي في المستقبل ، إذ قد أتيتم ذنبا كبيرا وليس من السهل أن أطلب المغفرة بهذه السرعة ، فلا بد من بقائكم مدة تعالجون فيها نفوسكم وتندمون فيها على فعلکم ، وتجهزوا جميعا للذهاب إلى مصر واستقبلهم يوسف - عليه السلام - ومعه الوزراء والأكابر ، ورفع يوسف - عليه السلام – أباه يعقوب وأمه على العرش ، ثم قال : يا أبت هذا تفسير رؤياى التي رأيتها وأنا صغير : الأحد عشر كوكبا ، والشمس والقمر لي ساجدين ، لقد حققها الله - عز وجل - ، ونجاني من السوء وتاب على وعلى إخوتي ، ثم توجه بالدعاء والشكر والثناء على الله - عز وجل - قائلا : رب قد عودتني الجميل ، وآتيتني من الملك وعلمتني شيئا من تأويل الأحاديث وتعبير الرؤيا ، أنت خالق السموات والأرض على أبدع نظام وأحكم ترتيب ، أنت يا رب وليي وصاحب أمري في الحياة الدنيا وفي يوم القيامة ، توفني على الإسلام واجمعني بعبادك الصالحين من آبائي إبراهيم و وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ، فأنت الرحيم الكريم القادر على كل شيء .
فوائد القصة
(۱) رؤيا الأنبياء حق .
(۲) الحسد أساس كل شر.
(۳) الإنسان لا يتبع خطوات الشيطان .
(4) الله يحفظ الأنبياء .
(5) الشكوى لا تكون إلا لله .
(6) الصبر نصف الإيمان .
(۷) بر الوالدين واجب .
(۸) العفو والصفح من صفات المرسلين .