بطل حتى النهاية
أشرقت الشمس سعيدة فى ذلك اليوم ..فهى شاهدة
على هذا الرجل الذى يركب. فوق حصانه ويجرى به في السهول متجها نحو الوادى حيث يقف
إبنه الصغير بيللى ينتظره وقف بيللى سعيداً، وهو يتابع أبيه يقود
حصانه كفارس مغوار . وعندما اقترب منه أسرع إليه
.. فنزل الأب من فوق الحصان ".. وبدلا من ان
يحتضنه راح الإثنان في مباراة ملاكمة ودية . بينما
يردد بيللى قائلا :
أيها البطل .. لن تغلبني .. رغم إنني ابن
البطل ، فابن الوز دائما عوام.
توقف الأب لحظة عن مداعبة إبنه وشرد قليلا
.. لاحظ بيللى حالة أبيه فسأله :
- أنت لا تريد أن تعود إلى الملاكمة ..
لا تريد أن تعود بطلا .. أليس كذلك ؟ .. وأنت تعرف
إنني أفخر بك كملاكم عالمي ... هز الأب رأسه وقال :
لقد ودعت هذه اللعبة منذ فترة طويلة .ولا
أريد أن أعود ثانية إلى حلبة الملاكمة
قال بيللى غاضباً : أنت
في نظري البطل .. وزملائي ينادونني بابن البطل
وأطرق البطل رأسه قليلا . وسار ناحية مدربه العجوز
وقد ملأ الحزن قلبه . سأله العجوز : هل ستعود فعلا
؟
هز البطل رأسه وقال : لا أعتقد
سأله العجوز : حتى ولو من أجل ابنك
نظر إلى ابنه بعينين ملأهما الحب وقال
: من أجلك افعل كل شيء ..
لقد اعتزل لعبة الملاكمة منذ فترة طويلة
.. منذ أن انهزم آخر مرة فوق الحلبة . لقد قرر وقتها
ألا يعود أبداً إلى الملاكمة ..
وفى السيارة جلس بيلى بجوار أبيه ومد له
علبة كبيرة وقال له:
- اليوم عيد ميلادك .. وهذه هديتي لك
.. كل سنة وانت طيب
ابتسم الأب وقال : وأنت طيب
ثم فتح البطل العلبة . فوجد بها قميصا جميلا وقفارًا
للعبة الملاكمة . سمع ابنه يقول :
هذه الهدية أيضا بمناسبة عودتك إلى الملاكمة .
وحاول البطل أن يحبس دمعة في عينيه ، فضم
ابنه إلى صدره ، قبل أن تندفع بهما السيارة عائدين
إلى المنزل في اليوم التالي أصطحب البطل ابنه
إلى حلبة الملاكمة حيث شاهدا الملاكمين يتدربون في حماس شديد
..
وبمجرد أن دخل البطل وابنه حتى شاهدا المدرب العجوز
يقترب منهما سعيداً ويصيح :
- أهلا بك .. مكانك لايزال محفوظا .
وأعطاه مفتاح دولابه القديم .. فاختطف
بيللي المفتاح وجرى إلى الدولاب يفتحه .. فرأى ملابس أبيه . الرياضية
وقفازه .. بينما سأل العجوز البطل :
- إبنك متحمس لك .. فهل ستعود ؟
بدا البطل مترددا..لم يستطع الإجابة . إنه
لا يحتمل أن يعود ليهزم مرة أخرى .. حتى ولو من أجل
ابنه الوحيد، ولأنه لم يستطع الرد ، فقد حاول
ان يهرب من المكان
.. فخرج مسرعا عنه دون أن يرد على نداءات ابنه.
راح البطل يجوب شوارع المدينة وهو في حالة
نفسية سيئة حتى سقط فوق الأرض فحمله الناس إلى المستشفى .
ترى ماذا حدث للبطل .. وهل هو مريض فعلا
؟
***************
*************
عندما أفاق البطل أحس بألم أشد ، ليس لأنه لا يرغب
في العودة إلى الملاكمة، وليس من أجل إرضاء ابنه
.. ولكن لأنه قرأ الحزن مرسوما فى عين إبنه الوحيد الذى
يتولى تربيته وحده منذ أن انفصل عن أمه قبل سنوات
.
وعندما عاد البطل إلى بيته بدا عصبياً
.. بينما حاول بيلى أن يكون صبورا أكثر مع أبيه حتى تمر
هذه المرحلة العصيبة . فهو يعرف أن عودته إلى الملاكمة
أمر بالغ الحساسية.
وذات يوم قال البطل لإبنه :
- أرجوك أن تقدر موقفي
.. فالأمر صعب ..
قال بيللى وهو يحاول أن يمنع نفسه من البكاء
:
أنت بالنسبة لى أحسن أب فى الدنيا .. وأنا
أحبك أكثر من الدنيا كلها .. لكن الناس يرون
أنى ابن البطل .. ويؤمنون إنك يمكن أن تعود بطلا
كما كنت..
بدا الأب قلقاً ثم قال :
- يا عزيزي . أنت لا تعرف قسوة الهزيمة
, وقوة الضربات على الوجه..ثم ضم
إبنه إلى صدره دون أن يتكلم ..
********** ***********
وفى صباح اليوم التالي فوجئ بيللى بأبيه
يدخل عليه بشوشاً ويقول له :
- إرتد ملابسك . هيا بنا إلى الإسطبل
.. هناك مفاجأة لك ..
تساءل بيلى : ترى ماهى المفاجأة .. ؟
وسرعان مالبس بيللى ملابسه ونزل ابوه إلى
الإسطبل حيث رأى فرساً جميلا اشتراه أبوه له ..
قال البطل :
- آنت تريدني أن أكون بطلا ... ماشي كلامك ..لكن
ألم تفكر أنت أن تكون بطلا..؟ لماذا لا نشترك بهذا
الفرس الصغير في السباق الذى سيتم في الأسبوع
القادم .. هه .. ما رأيك .. ؟
ابتسم بيللى دون أن يتكلم فقال أبوه : ماذا
تنتظر..عليك أن تتدرب.. ومن الآن ..
وجاء يوم السباق ..
وامتلأت ساحة السباق بمئات الناس الذين
جاءوا للمراهنة على الفرس الفائز ، وازدحم المتراهنون
أمام نافذة التذاكر ..
ووقفت امرأة جميلة ترقب بيللى فى تودد شديد
واقتربت منه محاولة التقرب إليه وهى تسأله :
- اعتقد أن فرسك سوف يفوز .. وأنك متفاءل بالنصر
، ان شاء الله ..
سألها بيللى : هل راهنت عليه .. ؟
ردت : بمبلغ كبير ..ثم انسحبت
كى تقف إلى جوار الحاجز الخشبى ..بينما راح بيللى ينظر إلى أبيه الذى راح يحث الناس
على أن يراهنوا على الفرس الصغير ..فهو ملىء
بالحيوية وسوف يكسب ..وبعد
قليل بدأ السباق.. فترى من سوف
يكسب .. ؟
*************
*************
وفتح الباب الذى انطلقت منه الجياد الصغيرة
في سباق محموم . وبينما وقف البطل وابنه يرقبان
الفرس وهو يتقدم ويسبق كافة أقرانه . وقفت المرأة
آنى سعيدة لهذا النصر الذى حققه الفرس الصغير وحقق الفرس نصرًا كبيرًا .. ولكنه أصيب
في ركبته .. وعندما خرج من السباق سحبه السائس
نحو الحظيرة .. وهناك إلتقى البطل مع آنى لأول مرة منذ تسع
سنوات ، إنها هناك تنتظره .. بدت الدموع في عينيها
وهي تسأله :
- إنه إبنك إذن .. أقصد ابننا .. بل أبنى
الذى ولدته لك يوما .
رد البطل بأسى : أجل يا سيدتى .. إنه إبنك
الذى تركتيه كى أربيه ..
وبدا البطل مرتبكا .. لما حدث من الماضى ولا
يريد أن يتذكره .
وهنا دخل بيللى الحظيرة وقد بدأ عليه الفرح وصاح
:
- سوف يشفى الفرس .. أخبرني الطبيب بذلك
..
تنبه بيلى إلى وجود تلك المرأة اللطيفة
أمام أبيه فقال بصوت خفيض :
- هذه السيدة شجعتني في السباق .. إنها
امرأة طيبة.
قالت آنى وهى تحاول أن تبتسم :
- عندي لك هدية أجمل .. فرس آخر يمكنه أن يكون
صديقاً لفرسك .. سوف أنتظرك ..
وذهبت وهى تغالب دموعها .. فالأمومة موجودة فيها
رغم كل هذه السنين ..
قال بيللى لأبيه بعد أن ذهبت المرأة : يا
لها من امرأة لطيفة . سوف أذهب إليها
ولم يشأ البطل أن يخبر ابنه أن المرأة اللطيفة
هى أمه التى تركته وهو لايزال صغيرا ، وكانت سبباً
في هزيمته القاسية التى اعتزل بعدها الملاكمة..
وعندما ذهب بيللى إلى منزل المرأة اللطيفة
، أمه ، رأى عالما يختلف عن ذلك الذى يعيشه مع أبيه
. فهى تعيش في قصر فخم تحوطه الحدائق . وهناك
اسطبل مليء بالخيول الجميلة القوية. سألها :
- إنها أجمل من فرسى الصغير.. أليس كذلك
؟
ردت : بل فرسك جميل وشجاع. وانتصر في السباق
.. يمكنك أن تأتى به ليعيش هنا .. فيتعلم كيف يكون
حصاناً جيداً مثل كل هذه الجياد ..
سألها : وأنا ... ؟
ردت : وأنت أيضا يمكنك أن تأتى .. فبيتي
مفتوح لك ..
ووافق البطل أن يعيش بيللى مع المرأة التى
لا يعرف أنها أمه حتى الآن .. لم يسأل البطل عن
مصيره بعد أن يذهب بيللى ليعيش مع أمه ، أنه يعرف
أن هذا أفضل للطفل بكثير .. فلو وجد راحته هناك لأمكنه
أن ينسى مسألة عودته إلى الملاكمة وعاش
بيللى فى القصر الكبير .. واكتشف أنه يعيش هناك
وحده معها .. وعلم أنها ورثت أموالا كثيرة عن زوجها
الذى مات منذ عام ..
وفي القصر وجد بيلى أن عليه أن يتصرف بطريقة تختلف
، فعليه أن يتقبل ارتداء ربطة عنق أحس إنها تخنقه
، ثم سافر معها إلى مدن عديدة .. فرأى البحار الزرقاء
الواسعة وناطحات السحب .. وركب الطائرات الجميلة
. والسفن التي تعبر البحار . كان كثيراً ما يتحدث
مع أبيه في التليفون من أى مكان يذهب إليه ويحدثه
عن أخباره .. ويصف له الأشياء التى شاهدها .. والناس الذين قابلهم . وفي آخر
حديثه يقول لا تنسى يا بطل أن تتمرن من أجل العودة
إلى الملاكمة .
ومرت الأيام .. وكان على بيللى أن يعود
.. ليس إلى القصر .. ولكن إلى أبيه .. وبمجرد أن انتهت
الرحلة حتى طلب من المرأة اللطيفة أن تقوم بتوصيله
إلى
البطل وعاد
بيلى إلى أبيه . راه لم يتغير .. فهو يحب الأحصنة
، و لا يرغب في أن كون بطلا من جديد . .ولم يود بيللى أن يجعل أباه يعانى من جديد فى
مسألة
العودة إلى الملاكمة.
************ ************
ذات اليوم فوجىء بيللى و بنقاش حاد بين أبيه ورجل يدّعى
أنه صاحب الفرس . وسمعه يقول له :
- إذا لم تدفع ألفى دولار خلال يومين ،
ثمناً للفرس الذى اشتريته منى ، فسوف آخذه مرة أخرى
منك.
وحزن بيللى على موقف أبيه .. وأيضا على
الفرس . فلا أبوه يملك نقودًا .. ولا هو بقادر أن
يترك فرسه الجميل..
وفي المساء زار المنزل رجل اخر .. أنيق
ويبدو لطيفا .. لكن حديثهما كان همساً ، لذا لم
يسمع بيللى شيئا .. لم يعرف أن هذا الرجل هو محامى
المرأة
اللطيفة ، وأنها تريد أن تحتفظ بابنها
.. لكن البطل اعترض قائلا:
- هذه المرأة لا يمكن أن تكون أمًا . لقد
تركت ابنها وهو رضيع . و لا تعرف عنه أى شىء منذ سبع سنوات .فكيف تأتى اليوم وتطلب أن يعيش
معها ؟.
ورفض البطل ، بصفة قاطعة ، هذا الطلب .
حتى ولو لمصلحة إبنه..وبعد
قليل دخل البطل على إبنه . فرأى دموعاً في عينيه
. لم يعرف مصدرها .. فاحتضنه بشدة وسمعه يبكي لم ينم
البطل في تلك الليلة . فهو لا يعرف ماذا يفعل كى يتخلص
من هاتين المشكلتين : عليه أن يحتفظ لإبنه بالفرس.
وعليه أن يلقن أمه درساً ، تلك المرأة التى نيست
أمومتها سنوات طويلة .. وظل يتسأل: ترى هل سينجح
في أن يلقنها درسا ؟ وترى هل يمكنه أن يدبر ألفي دولار ؟ وكيف
؟
وفي الصباح قرر أن يذهب إليها في عملها..وعندما
دخل مكتبها وجدها مشغولة في مهام وظيفتها
، بدت في عينيه امرأة مهمة .. فهي تنظم عرضاً للأزياء
. وتلقى خطبة جذابة يصفق لها الناس، وعندما شاهدته
ابتسمت ثم اقتربت منه ، وحيته قائلة :
- أهلا بك .. كيف حال بيللى ؟
رد : سوف يضيع منه الفرس .. بسبب ألفي دولار
سألته : هل تريد ألفى دولار .. ؟
رد : بل بيللى .. من أجل فرسه .. الذى يحبه
.. إنه ابنك .. ولم يأخذ منك شيئا .. لقد جاء أوان
العطاء بالنسبة لك.
واعطته النقود .. وقبل أن يذهب قال لها
: لا تعتقدي أن هذا المبلغ هو ثمن ابنك .. فلن أتركه
يعيش معك ..
واكتفت المرأة بالابتسام...وعندما
عاد إلى البيت فوجئ بصاحب الفرس يحاول
أن يأخذه عنوة لأن الفرس يساوى الآن مبلغا
كبيرا..
حاول البطل أن يقنعه بأخذ الألفي دولار.
إلا أن الرجل رفض بحدة . وأصر أن يسترد الحصان
.. واحتدم النقاش.. ودارت مشاجرة حسمها البطل بقبضة
من يده .. فسقط الرجل على الأرض .. وراح بيللى
يصغى بحماس لأبيه .. لكن فرصته لم تستمر إذ لم
تلبث الشرطة أن جاءت وقبض على البطل لأنه اعتدى
على مواطن...وسيق
البطل إلى السجن .. وراح بيللى وراء أبيه يبكى
.. إلا أن البطل قال له :
- إذهب إلى السيدة آنى .. وعش هناك إلى
أن أخرج لك ثانية .. إنها امرأة لطيفة ، أليس كذلك
؟ .. وهى حنون معك كأنها أمك.. وهز
بيللى رأسه .. وذهب لتوه إلى انى حيث تعيش فى قصرها
الفخم .. تصورت فى أول الأمر أن البطل قد وافق
على طلباتها .. إلا أنها ما لبثت أن عرفت الحقيقة ولم
يشعر بيللى هذه المرة ، بالكثير من السعادة . فهو يفتقد
أباه .. رغم أن المرأة لطيفة للغاية معه.. وذات يوم
حاولت أن تساعده في خلع ملابسه فرفض قائلا :
- علمني أبى أن الرجل الذى لا يستطيع أن
يخلع ملابسه بنفسه ليس رجلا
ابتسمت وقالت :
- لقد أصبحت رجلا يا بيللى . وعليك الآن
أن تفهم حقيقة الأشياء
فهز رأسه بالموافقة..
ثم سألته : أريد أن أعرف منك شيئا يا بيللى،
أين ماما .. ؟
رد : أخبرني أبى أنها ماتت ..
وشعرت بالتأثر .. وخرجت إلى الشرفة وهى تبكى
.. ولم يفهم بيللي شيئا مما يدور حوله . وبعد
أيام قليلة عاد بيللى مرة أخرى إلى منزله ..
وفوجئ بالقرار الهام الذى أعلنه ابوه فور
خروجه من الحبس الاحتياطي لقد
قرر أن يعود إلى الملاكمة..
وهلل بيللى : سوف تنتصر .. ستعود بطلا.
وبدأت التدريبات .. كان جاكى ، المدرب العجوز
، هو أسعد الناس بعودة البطل إلى الحلبة .. فرغم
أنه يعرف أن السن لم يعد فى صالح بطله ، فإنه واثق
من النتائج هذه المرة .. وطلب من البطل أن يعرض
نفسه على الطبيب فرفض وامتلأ قلب بيللى بالفخر . وراح يرافق أباه في تدريباته
، وامتلأت الصحف بأخبار عودة البطل القديم إلى
الساحة .. وسرعان ما أعلن عن المباراة الساخنة بين البطل
الحالي والبطل العائد .. واقترب موعد المباراة .. والبطل لا يتوقف
عن التدريب .. أما آنى فقد راحت تراهن فى كل
مكان على نجاح والد ابنها وفى
يوم المباراة جلس بيلى مع أبيه في صالة الانتظار
، واستمع معه إلى نصائح المدرب الأخيرة .. إلا
أن بيللى صعق عندما رأى خصم أبيه فلم يكن يتصور
ان يلاكم أبوه رجلا له كل هذه القوة .. أنه أقرب إلى
الوحش العملاق..ومع هذا فإن أباه بدا واثقا فى نفسه ..
وبدت آنى قلقة على ما يدور أمامها ,,
وبدأت اللكمات تنهال من الطرفين
.. لكن قبضة لوكى العملاق أقوى بكثير من
قبضة البطل .. فضربت صدغ بطلنا مرة .. ثم
مرة .. ومرة ثالثة حتى سالت منه الدماء ..
وانزعج بيللى من أجل أبيه .. وتمنى لو يصد
هذه الهجمات .. أما آنى فقد أحست أن المباراة
ليست في صالح زوجها السابق ..
وتساءلت : ترى هل ينتصر هذه المرة ؟ وهل
يمكن أن يعود بطلا مثل سابق عهده .. ؟
ومرت الجولة الأولى .. ثم الثانية .. والبطل
لم يحقق أى تقدم .. وأصاب القلق المدرب العجوز
.. وكل من يشجع البطل القديم .. وزادت حدة القلق حين
وقع
بطلنا فوق الأرض .. وكاد بيللى أن يبكى
.. وقبل أن ينتهي العد نهض البطل من فوق الأرض واستكمل المباراة
..
وفجأة دب النشاط في البطل .. وكأنه يقوم
بتمثيلية متقنة .. حيث راح يقفز فى مكانه بخفة ورشاقة راح
يكيل لخصمه اللكمات الواحدة وراء الأخرى .. بلا رحمة وبدون هوادة ...
بدا اشبه بمدفع قوى الطلقات : سريعة .. وقوية.. وفجأة ترنح لوكي
العملاق وسقط فوق الأرض ..
وارتفعت هتافات الإعجاب .. وشق صوت بيللى أرجاء
المكان .. وصرخت آنى من السعادة وهى ترى الحكم
يرفع يد البطل لأعلى معلنا عودته الى عرش البطولة
.. وقام لوكى العملاق .. يصافح خصمه ويقبله ..لكن
فجأة أحس بطلنا بالتعب فقال :
- دعوني استريح .. لم أشعر من قبل بمثل
هذا التعب.. وسرعان
ما تحول المكان إلى صمت رهيب .. وأسرع بيلى
نحو أبيه الذى طلب أن ينقلوه إلى غرفته .. صاح الغلام
فى ابيه الراقد فوق محفة يحملها بعض الرجال :
- انتصرت يا بطل .. البطل يفوز دائما
في النهاية .. لكنك في هذه المرة أصبحت بطلا عجوزا ..
وعليك أن تعلن اعتزالك وانت بطل .
أمسك الأب يد ابنه وسأله : هل أنت سعيد
؟
رد بيللى : أجل .. لكن شرط أن تقوم بالسلامة أنا
الآن .. بطل .. وابن البطل
أحس البطل بيد آنى تلمسه بحنان .. نظر نحو
ابنه وقال : هذه المرأة كانت زوجتي .. هل تعرف
من هي؟
ووسط دموعه قال بيللى : أعرف .. أعرف منذ
أن قابلتها أول مرة .. لقد أحس بها قلبي
.. إنها آنى ..
وانفجرت آنى في البكاء ودخل
البطل حجرته تصحبه آنى وابنها .. وسرعان
ما دخل الطبيب كى يكشف عليه .. وكتم الجميع انفاسهم
..
الا أنه قال بعد قليل :
- لم يكن عليه أن يلعب هذه المباراة ..
أرجو ألا تتكرر هذه الحكاية مرة ثانية ، مبارك نصرك
.. واعتن بصحتك.
وخرج الثلاثة بعد قليل عائدين الى منزلهم
وقد قرروا أن يعوضوا زمن الفراق...والمعاناة.
حكاية البطل الحقيقى البطل الوحيد في الرواية التى كتبها الأديب الأمريكى فرانسيس ماريون هو الصبى بيللى الذى دفع أباه إلى أن يعود مرة أخرى الى ساحة الملاكمة وينتصر على خصم
عنيد وقوى، والبطل هو الاصرار والعزيمة لدى
بيلى وعندما نقلت السينما هذه الرواية عام
1931 في فيلم ضخم فإن الطفل المعجزة جاكى كوبر قد أبكى الناس وهو يجهش عندما مات أبوه. هذا النجاح دفع المخرج الايطال فرانكو زيفير
الى أن يبحث عن طفل معجزة جديد كي يعيد إلى الأذهان صورة جاكى كوبر .. واختار الطفل الاشقر
ريكى شرودر . وكان هو البطل فعلا .. كما تمتع
بخفة ظل و ذكاء حاد ..