قصة داوود - عليه السلام
قصة داوود - عليه السلام -قصص الانبياء
بعد وفاة نبي الله موسى - عليه السلام - ذهب بنو إسرائيل إلى نبي لهم ليدعو الله أن يجعل لهم ملكاً يقاتلون معه العماليق الذين أخرجوا بنو إسرائيل من ديارهم وهزموهم وأخذوا التابوت الذي قيل : إنه كان فيه التوراة وعصا موسى - عليه السلام - ، وبقية مما ترك هارون - عليه السلام - ، فقال لهم نبيهم : إن الله قد اختار لكم طالوت ملگا ، فاعترض بنو إسرائيل على طالوت وقالوا : كيف يكون له ملك علينا ونح أحق بالملك والرياسة منه ولم يؤت سعة من المال ، فطالوت فقير وليس غنيا .
فأخبرهم نبيهم أن الله اختاره وفضله عليهم ، وأعطاه زيادة في العلم والجسم والعقل حتى يكون واسع الإدراك ، نافذ البصيرة ، وحتى يقوى على القيادة وأعمال الحرب ويستحق أن يكون ملكا عليهم .
جهز طالوت الجيش وخرج للقاء العماليق أعداء الله ، وكان قائد العماليق رجلا شديد القوة والجسم يسمى جالوت .
داوود -عليه السلام- يقتل جالوت
خرج جيش طالوت و تقابل مع جيش جالوت وكان جيش جالوت عظيم العتاد كثير العدد ، ووقف قائد الجيش جالوت وكان شكله مرعبا مخيفا ، فقد كان جسده كبيرا ، وقد لبس الدروع الحديدية ، ووقف وطلب من جیش طالوت أن يخرج له من يقاتله ، وأن المقتول والمغلوب منهما يكون أفراد جيشه عبيدا لجيش القاتل .
فخرج له من جيش طالوت شاب صغير السن ، قصير القامة ، أزرق العينين ، قليل الشعر ، هو نبي الله داوود - عليه السلام -
في بداية الأمر رفض طالوت أن يخرج داوود لقتال جالوت ؛ لأن داوود عليه السلام كان صغير السن ، لكن داوود أصر أن يخرج لقتال جالوت وقال : إنه سيقتله بإذن الله تعالى ، خرج داوود - عليه السلام - وكان معه مقلاع صغير ، فوضع فيه حجرا و قذف به جالوت فقتله بإذن الله وانتصر جيش طالوت ، ولما ظهر طالوت ومن معه من المؤمنين لجالوت وجنوده قالوا ربنا أنزل علينا صبرا لنواجه الأعداء وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ، فهزموهم بإذن الله و قتل داوود جالوت.
داوود-عليه السلام- ملك ونبي
لما قتل داوود - عليه السلام - جالوت ، قيل إنه تزوج من ابنة طالوت وورثه في الملك ، وأحبته بنو إسرائيل وصار ملكاً عليهم ، وأنزل الله عليه الزبور : وهو كتاب مقدس، فيه تعاليم وأحكام وأوامر من عند الله ، وقد أنزل على داوود - عليه السلام - في شهر رمضان ، فصار داوود - عليه السلام - ملگا نبیا .
الجبال والطير تسبح مع داوود - عليه السلام-
وهب الله داوود - عليه السلام - صوتاً جميلاً بديعاً ، ولذلك كان نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - يقول للصحابي الجليل أبي موسى الأشعري عندما يقرأ القرآن : لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داوود .
كان داوود - عليه السلام - یسبح الله كثيرا ويحمده كثيرا ، فكان كلما سبح الله أو قرأ في الزبور وقف الطير فوقه في الهواء وسبح الله معه، وينصت لقراءة داوود - عليه السلام - ، وكذلك الجبال فإنها كانت تسبح معه في الصباح وفي المساء ، قال الله : (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ ﴿١٨﴾ وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً ۖ كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ ﴿١٩﴾)
سورة ص الآية 18-19
قصة المتخاصمين
كان داوود - عليه السلام - يقسم أيامه يوما للعبادة ،ويوما للقضاء بين الناس ، ويوما للدعوة إلى الله ، ويوما لحياته الخاصة ، وذات يوم دخل عليه رجلان وهو يصلي في المحراب ، فلما التفت إليهم قائلا : لا تخف خصمان جار أحدنا على الآخر فاحکم بیننا بالحق ولا تُجر، إن أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة ، وأراد أن يأخذها ويضمها إلى نعاجه ليكمل بها المائة، قال داوود - عليه السلام - متسرعا قبل أن يسمع جواب الخصم الثاني : لقد ظلمك بطلب ضم نعجتك إلى نعاجه ، فصعد الرجلان إلى السماء واختفيا من أمامه ، وأدرك داوود أنها ملكان أهبطا إلى الأرض فتنة له واختبارا ، فسجد لله و بكى واستغفر حتى غفر الله له .
كيف كانت عبادة نبي الله داوود - عليه السلام –
كان داوود - عليه السلام - كثير الذكر والدعاء ، كثير الصلاة والصيام ، وقد وصفه الله بالقوة والصبر على العبادة ، ووصفه بكثرة التوبة والرجوع إلى الله .
وأخبر رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - عن عبادة نبي الله داوود - عليه السلام - فقال : أحب الصيام إلى الله صيام داوود ، كان يصوم يوما ويفطر يوما، وأحب القيام إلى الله قيام داوود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه ، وكان يأكل من عمل يده ، فقد كان يعمل حدادا .
مكث نبي الله داوود في بني إسرائيل زمنا طويلا حتى توفي وتولى من بعده ابنه نبي الله سليمان - عليه السلام - وجعله الله نبيا في بني إسرائيل . قال الله تعالى : (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ﴿١٦﴾) * [النمل: 16] ، أي في العلم والنبوة والملك والحكم لا في المال ؛ لأن الأنبياء لا تورث ، ما يتركونه بعد وفاتهم فهو صدقة .
فوائد القصة
(1) المؤمن يثق بنصر الله .
(2) الملك والنبوة منحة من الله .
(3) الفئة المؤمنة القليلة تغلب الفئة الكافرة الكثيرة .
(4) المؤمن لا يغتر بملكه ولا بمنصبه .
(5) أفضل الصيام صيام داوود ، وأفضل القيام قيام داوود - عليه السلام -